المؤتمر الدولى للتكامل الاقتصادى بين دول حوض النيل 1

 سعت مصر منذ القدم إلى تنظيم علاقتها بدول حوض النيل و الاتصال الدائم بدولها بالاتفاق على الأسلوب الأمثل لاستغلال مياه نهر النيل بما يعود بالنفع على كل دول الحوض مع الحفاظ على حق مصر التاريخي فى مياه نهر النيل. و بالفعل نجحت مصر فى ذلك من خلال عقد العديد من الاتفاقيات سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي، يصل عددها إلى أكثر من 15 اتفاقية ، وقع بعضها أبان فترات الاستعمار و كان لها تأثير على العلاقات الحالية بين مصر و دول الحوض.

أ- الاتفاقيات الثنائية:

1- الهضبة الإثيوبية:

هناك خمسة اتفاقيات تنظم العلاقة بين مصر و إثيوبيا و التي يرد من هضبتها 85% من مجموع نصيب مصر من مياه النيل:

1- بروتوكول روما الموقع فى 15 إبريل 1891 بين كل من بريطانيا و إيطاليا التي كانت تحتل إريتريا فى ذلك الوقت ــ بشأن تحديد مناطق نفوذ كل من الدولتين فى أفريقيا الشرقية، و تعهدت إيطاليا فى المادة الثالثة من الإتفاقية بعدم إقامة أية منشآت لأغراض الري على نهر عطبرة يمكن أن تؤثر على تصرفات النيل.

2- إتفاقية أديس أبابا الموقعة فى 15 مايو 1902 بين بريطانيا و إثيوبيا، تعهد فيها الإمبراطور منيليك الثاني ملك إثيوبيا بعدم إقامة أو السماح بإقامة أي منشآت على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط من شأنها أن تعترض سريان مياه النيل إلا بموافقة الحكومة البريطانية و الحكومة السودانية مقدماً.

3- إتفاقية لندن الموقعة فى 13 ديسمبر 1906 بين كل من بريطانيا و فرنسا و إيطاليا.

و ينص البند الرابع منها على أن تعمل هذه الدول معاً على تأمين دخول مياه النيل الأزرق و روافده إلى مصر.

4- إتفاقية روما وهى عبارة عن مجموعة خطابات متبادلة بين بريطانيا وإيطاليا فى 1925 ، وتعترف فيها إيطاليا بالحقوق المائية المكتسبة لمصر والسودان فى مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما ، وتتعهد بعدم إجراء أى إشغالات عليهما من شأنها أن تنقص من كمية المياه المتجهة نحو النيل الرئيسى .

5- إطار التعاون الذى تم توقيعه فى القاهرة فى الأول من يوليو 1993 بين كل من الرئيس المصرى أنذاك محمد حسنى مبارك ورئيس الوزراء الإثيوبى ــ في هذا التوقيت ــ ميليس زيناوى ، وكان لهذا الإطار دور كبير فى تحسين العلاقات المصرية الإثيوبية وتضمن هذا الإطار التعاون بين مصر وإثيوبيا فيما يتعلق بمياه النيل فى النقاط التالية :

-عدم قيام أى من الدولتين بعمل أى نشاط يتعلق بمياه النيل قد يسبب ضرراً بمصالح الدولة الأخرى.

- ضرورة الحفاظ على مياه النيل وحمايتها .

- احترام القوانين الدولية .

- التشاور والتعاون بين الدولتين بغرض إقامة مشروعات تزيد من حجم تدفق المياه وتقليل الفواقد .

2- الهضبة الإستوائية

تعد المصدر الثانى لمياه النيل حيث يصل 15% من مياهها إلى مياه النيل وتضم ستة دول هى :كينيا ، تنزانيا ،أوغندا ، الكونغو الديمقراطية، رواندا وبوروندى، و تنظم العلاقة المائية بينهم وبين مصر عدد من الاتفاقيات أهمها :

1- اتفاقية لندن الموقعة فى مايو 1906 بين كل من بريطانيا والكونغو – وهى تعديل لاتفاقية كان قد سبق ووقعت بين ذات الطرفين فى 12 مايو 1894 – وينص البند الثالث منها على أن تتعهد حكومة الكونغو بألا تقيم أو تسمح بقيام أى إشغالات على نهر السمليكى أو نهر أسانجو أو بجوارهما يكون من شأنها خفض حجم المياه التى تتدفق فى بحيرة ألبرت ما لم يتم الإتفاق مع حكومة السودان .

2- اتفاقية 1929 وهى عبارة عن خطابين متبادلين بين كل من رئيس الوزراء المصرى آنذاك محمد محمود وبين المندوب السامى البريطانى لويد ، وكلا الخطابين موقعين بتاريخ 7 مايو 1929 ومرفق بهما تقرير للجنة المياه الذى سبق إعداده فى عام 1925. ويعتبر هذا التقرير جزءاً من هذه الإتفاقية ،وكان توقيع بريطانيا على هذه الاتفاقية نيابة عن كل من السودان وأوغندا وتنجانيقا {تنزانيا حالياً} وجميعها دول كانت تحتلها بريطانيا آنذاك وأهم ما ورد فى تلك الإتفاقية :

أ-ألا تقام بغير إتفاق مسبق مع الحكومة المصرية أعمال رى أو توليد قوى أو أى إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التى ينبع منها سواء فى السودان أو فى البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذى يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أى وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر.

ب- وتنص الإتفاقية أيضاً على حق مصر الطبيعى والتاريخى فى مياه النيل .

3-إتفاقية لندن الموقعة فى 23 نوفمبر 1934 بين كل من بريطانيا نيابة عن تنجانيقا{تنزانيا حالياً}وبين بلجيكا نيابة عن رواندا وأوروندى {رواندا وبوروندى حالياً} وتتعلق بإستخدام كلا الدولتين لنهر كاجيرا.

4-إتفاقية 1953 الموقعة بين مصر وبريطانيا نيابة عن أوغندا بخصوص إنشاء خزان أوين عند مخرج بحيرة فيكتوريا ، وهى عبارة عن مجموعة من الخطابات المتبادلة خلال عامى 1949 و1953 بين الحكومتين المصرية والبريطانية ،ومن أهم نقاط تلك الإتفاقية:

-أشارت الإتفاقيات المتبادلة إلى إتفاقية 1929 وتعهدت بالإلتزام بها ونصت على أن الإتفاق على بناء خزان أوين سيتم وفقاً لروح إتفاقية 1929 .

- تعهدت بريطانيا فى تلك الإتفاقية نيابة عن أوغندا بأن إنشاء وتشغيل محطة توليد الكهرباء لن يكون من شأنها خفض كمية المياه التى تصل إلى مصر أو تعديل تاريخ وصولها إليها أو تخفيض منسوبها بما يسبب أى إضرار بمصلحة مصر.

5- اتفاقية 1991 بين كل من مصر وأوغندا التى وقعها الرئيس السابق مبارك والرئيس الأوغندى موسيفينى ومن بين ما ورد بها :

- أكدت أوغندا فى تلك الإتفاقية احترامها لما ورد فى إتفاقية 1953 التى وقعتها بريطانيا نيابة عنها وهو ما يعد اعترافاً ضمنياً بإتفاقية 1929.

- نصت الإتفاقية على أن السياسة التنظيمية المائية لبحيرة فيكتوريا يجب أن تناقش وتراجع بين كل من مصر وأوغندا داخل الحدود الآمنة بما لا يؤثر على احتياجات مصر المائية.

3- إتفاقيات المياه الموقعة بين مصر والسودان

هناك اتفاقيتان لتنظيم العلاقة المائية بين مصر والسودان وهما :

1- اتفاقية 1929

تنظم تلك الإتفاقية العلاقة المائية بين مصر ودول الهضبة الإستوائية ،كما تضمنت بنوداً تخص العلاقة المائية بين مصر والسودان وردت على النحو التالى فى الخطاب المرسل من رئيس الوزراء المصرى والمندوب السامى البريطانى :

- إن الحكومة المصرية شديدة الإهتمام بتعمير السودان وتوافق على زيادة الكميات التى يستخدمها السودان من مياه النيل دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية فى تلك المياه .

- توافق الحكومة المصرية على ما جاء بتقرير لجنة مياه النيل عام 1925 وتعتبره جزءاً لا ينفصل من هذا الاتفاق .

- ألا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال رى أو توليد قوى أو أى اجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التى تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذى يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أى وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر .

- تقدم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل فى السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالإتفاق مع السلطات المحلية .

2- إتفاقية 1959

وقعت هذه الإتفاقية بالقاهرة فى نوفمبر 1959 بين مصر والسودان ، وجاءت مكملة لإتفاقية عام 1929 وليست لاغية لها ، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان فى ظل المتغيرات الجديدة التى ظهرت على الساحة آنذاك وهو الرغبة فى إنشاء السد العالى ومشروعات أعالى النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات فى أسوان . وتضم إتفاقية الإنتفاع الكامل بمياه النيل على عدد من البنود من أهمها :

- احتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليار متر مكعب سنوياً وكذلك حق السودان المقدر بأربعة مليار متر مكعب سنوياً .

- موافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالى وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق وما يستتبعه من أعمال تلزم السودان لإستغلال حصته .

كما نص هذا البند على أن توزيع الفائدة المائية من السد العالى والبالغة 22 مليار متر مكعب سنوياً توزع على الدولتين بحيث يحصل السودان على 14.5 مليار متر مكعب وتحصل مصر على 7.5 مليار متر مكعب ليصل إجمالى حصة كل دولة سنوياً إلى 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان .

- قيام السودان بالاتفاق مع مصر على إنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر بهدف استغلال المياه الضائعة فى بحر الجبل وبحر الزراف وبحر الغزال وفروعه ونهر السوباط وفروعه وحوض النيل الأبيض ، على أن يتم توزيع الفائدة المائية والتكلفة المالية الخاصة بتلك المشروعات مناصفة بين الدولتين .

- إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان .

آليات التعاون الإقليمي

نظراً للمستجدات المستمرة ولطبيعة الدول العشر المشكلة لحوض النيل وما شهدته من تطورات بعد زوال الاستعمار ، وحرصاً من مصر على مد جسور التعاون مع دول حوض النيل لما تشكله من عمق استراتيجى لمصر وما يمثله النيل فى حياة المصريين ,فقد أصبح من الضرورى إيجاد آليات جديدة للتعاون الإقليمى بين دول الحوض إلى جانب الإتفاقيات السابق الإشارة إليها ، وقد بدأت بالفعل هذه الآليات منذ الستينيات من القرن الماضى على النحو التالى:

1- هيئة مياه النيل

تم إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان تحت مظلة إتفاقية 1959، تعمل على دراسة وإنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر وكان أهم دراساتها أربعة مشروعات تقع جميعها داخل حدود السودان ولاتؤثر على دول المنبع الأخرى وتوفر 18 مليار متر مكعب سنوياً بعد انتهائها وهى:

- مرحلة أولى من مشروع قناة جونجلى .

- مرحلة ثانية من مشروع قناة جونجلى .

- مشروع مشار .

- مشروع بحر الغزال .

وتضم هيئة مياه النيل لجنة فنية تجمع خبراء البلدين{مصر والسودان} وتجتمع دورياً لحل أى مشاكل تعترض تنفيذ إتفاقية 1959 .